الأربعاء، نوفمبر 20، 2013

العري، في مفهوم فني.

الفن الأيروتيكي أعطى للعري مفهوما أنيقا، بعيدا عن الرخص وتسليع الجسد.
فبالرجوع إلى التاريخ الفني نجد أن الجسد كان لبنة أساس في حمل مدلولات متفاوتة بحسب البيئة الخارج منها هذا الفن، أو حتى بالتفاصيل الأخرى التي تأتي مصحوبة في مشهد الجسد.
لم يحتكر الفن الجسد لاستحضار الشبق والإغراء أو تصوير العشق الماجن، بل تعدى ذلك كله إلى مدلولات دينية، واجتماعية،و تصوير حي لحضارة وثقافة بعينها.
فإذا عرفنا التعري بمنظور ثقافي/ فني فإنه يتلخص في كلمة واحدة دقيقة هي "التجرد Nudity"
فقد افترض علماء الأنثروبولوجيا اليونانيين في الإنسان العري، وصنفوا الاحتشام دخيلا عليه، باعتبار أن الإنسان خلق عاريا، ثم اضطرته الظروف البيئية إلى صنع الرداء، قبل أن يستوعب المفهوم الأخلاقي فيه أو يتعرف عليه.
وقد ارتبط التعري أيضا عندهم بالعبادة، فكانوا يعتكفون في المعابد وهم عراة، وذلك على أساس أن الإله خلقهم كذلك.
وإذا ضيقنا الحديث وتطرقنا إلى الجسد من جوانب فنية بحتة، فإن الجسد دخل التصوير الفوتوغرافي باعتباره عنصرا من الجماد، ثابتا عند اللقطة، وكثيرا ما اهتم المصورون بتصوير الجسد مجردا من الشخصية الإنسانية بعينها حتى لا يؤثر بالشخص على روح المعنى في العمل.
ومن أبرز المصورين الذين عرفوا في مجال التصوير الأيروتيكي Ruth Bernhard و Edward Weston.

وقد لوحظ إفراط استخدامهم لجسد المرأة قديما أكثر من الرجل، لأنهم يرونه الجسد الأكثر صراحة وجمالا، إلا أن الفوتوغرافيا الحديثة خرجت عن هذا الإطار، واستخدمت جسد الرجل أيضا كمحرك فني أساسي.

وحين نتحدث عن الجسد في فن النحت، فإننا نجد أن منحوتات الجسد على امتداد الحضارات منطوية على شعارات دينية وعقائدية، فكثيرا ما صورت الألهة في تماثيل عارية تخليدا لأسطورتها وقداستها.
ولم يخرج الرسم بعيدا عن هذه المفاهيم.إن تطرقنا للموقف الاجتماعي من فن الجسد، فلابد أن نذكر أن الاعتقاد الديني يأتي مؤثرا بالدرجة الأولى على هذا الموقف، فكما رحب اليونانيون بالتعري استنادا على فكرة دينية وهي خلق الإله لهم عراة، فإن الكنائس الكاثوليكية في أوروبا قد حاربت قديما هذا الفن باعتباره فسق وفجور، إلا أنها تحررت مع التقدم الحضاري والثقافي لعموم الشعب من هذا الصد.

إن اتجهنا للمجتمع العربي، فإننا قد نجد حتى اليوم وجود هذه الحساسية تجاه تصوير الجسد بسبب سيطرة العقائد الدينية على الرؤية الثقافية أيضا.
إلا أنه بالحديث عن العرب، يجب أن نتذكر معرض الفن التشكيلي الذي أقيم في معهد العالم العربي في باريس عام 2012، وكان عنوانه "الجسد المكشوف" يهدف من خلاله فنانون عرب في الخروج بالجسد من المفهوم العربي السائد، وهو هدف تحرري وليس استفزازي كما صنفه بعض المحافظين.
تعرضت الأعمال المطروحة في حينه إلى الجسد في كافة حالاته، من المعاناة والألم، إلى اللذة والنشوة، ولم تغفل الأعمال شفافية طرح وضع المرأة المهمشة والمعنفة في العالم العربي بوجه خاص.من أبرز الأعمال في هذا المعرض، الفيديو القصير للفنان عادل العابدين، الذي مرر فكرة تهميش المرأة وتعنيفها بين لا مبالاة رجلين.

 https://www.youtube.com/watch?v=drSa9ZKadSg&feature=youtube_gdata_player

إن أردنا أن نستشف المعنى من خلال الجسد أو التعري فلابد أن ننظر له نظرة متأمل متجردة من الأحكام الأخلاقية أو الدينية الحادة والإقصائية، فالعري يحتمل أبعادا أخرى نبيلة وثورية، كما عبرت الفنانة التشكيلية هالة الفيصل عن احتجاجها على الحرب بتعرية جسدها، وكما فعلت الشابة المصرية علياء المهدي بنشر صورها عارية على مدونتها من منطلق التمرد على القيود، وإعلان الحرية.

ليست هناك تعليقات: