الجمعة، ديسمبر 13، 2013

Prozac nation : أكثر من مجرد فيلم

أحد الأفلام التي يصح أن أقول فيها "أصابتني في مقتل"، وتركتني مخضبة بالكثير من البكاء. "ليزي" التي وجدت نفسها منذ فجر مبكر ضالة عن طريق الناس، تبحث عن طريق إلى نفسها المفقودة عبر الكتابة، عن حياة أخرى على كنف الورق. "ليزي" التي مارست الكتابة طويلا حتى صارت لها عملية أكثر تعقيدا من ممارسة يومية. تشبهني "ليزي" بطريقة صارخة في عمقها الماثل نحو الجنون، في الأقاصي المرعبة التي تحتد عندها مشاعرها، في حاجتها الماسة إلى فرصة تنقذها من نفسها، من عمقها الموغل في التعقيد، والكوابيس التي يعيش فيها رأسها مزيدا من القلق ولا ينام. حين صرخت "ليزي" في أوجه رفاقها الذين لا يفهمون بكيت، توحدت في بكائي معها وظللت أردد "أنا أفهم" في لحظة مس فيها صراخها خوفا شاهقا في داخلي.
أفهم قلق ليزي، وأعرف كم يكون مرعبا أن تعجز عن الكتابة، حين يحتشد الكلام في رأسك، وتكاد مواقيت الصبر كلها أن تنفجر، ولكنها لا تفعل، تظل بكل ذاك الإزدحام عالقة في الجهة الخلفية من رأسك، لا سبيل لها إلى الورق رغم أنها تبقى تصخب في بالك دون أن تهدأ.
كبرت "ليزي" طفلة بجراح لا يسعها فؤادها الصغير، مثلي .. تجرعت هموما أكبر حيرة من عمرها الصغير، وحين احتدمت لم تجد من مفر غير السقوط. الاستسلام لحالة سقوط كان لابد أن تأتي لتنقض حزنا عمر على طول السنين. ترى متى تحين لحظة سقوطي؟ متى أفرغ قلبي تماما في سقوط واحد مفجع أستعيد بعده فراغا يحتمل الإقبال على الحياة من جديد؟
ذكرتني "ليزي" بأحوالي الأخيرة وهي تجد نجاتها في مكالمة هاتفية، ذكرتني بمكالماتي الهاتفية المسروقة مع علي، والتي كنت أستنجد بها على عجل من بؤس أيامي. المرات القليلة التي شعرت فيها بوجود رجل يمس قلبي بهذه الخفة، وبأقل قدر من المخاطر. لعلي كنت أكثر نضجا من "ليزي" بعدها، فأنا قد أصبحت أبعد بأشواط من فكرة الانهيار على إثر رجل راحل. الفرق أنني مهما أوغلت رجلا إلى روحي أظل محتفظة بخفتي للعبور في الوقت المناسب، لا للرهانات الكبيرة، ولا للعلاقات المرعبة طويلة الأمد.
كان هذا الفيلم بمثابة فرصة قاسية، ولكن لازمة للتصادم مع شيء سهوت عنه منذ وقت لا أذكره. التصادم الذي خلف نحيبا مخيفا لعواطفي التي ما ظننتها قد تستثار بهذه الحدة مرة أخرى.
نحتاج أن نرى أنفسنا أحيانا من خلال الأشياء، نحتاج أن نحظى بهذه الفرص المفاجئة لننتبه إلى التفاصيل التي جهلناها عندما كنا ماثلين في الصورة، التفاصيل التي ليس بوسعنا أن نعرف بمثولها سوى من خلال أولئك الذين يشبهوننا، ويحملون نصيبا ضئيلا منا.

ليست هناك تعليقات: